أراتبس – متابعات
نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقابلة صحفية للأمير محمد بن سلمان أجراها معه الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، حيث تحدث فيها الأمير باستفاضة عن الحملة التي تخوضها الجهات الامنية في المملكة العربية السعودية ضد الفساد، كما تحدث عن الصراع الإقليمي بين المملكة وإيران.
وتعتبر هذه هي المقابلة الأولى لولي العهد السعودي، الذي يترأس لجنة مكافحة الفساد، منذ اعتقال مسؤولين كبار من ضمنهم أمراء من الأسرة المالكة، شملت الملياردير السعودي الشهير الوليد بن طلال.
وردًّا على سؤال من فريدمان، حول الذي يحدث في فندق الريتز، حيث يُعتقل المتهمون بالفساد، وهل كانت هذه لعبة يهدف من خلالها إلى إزالة مُنافسيه، قال محمد بن سلمان “إنهُ لأمرٌ مُضحك”، أن تقول بأن حملة مكافحة الفساد هذه كانت وسيلةً لانتزاع السُلطة.
وأضاف “أن الأعضاء البارزين من الأشخاص المُحتجزين في الريتز قد أعلنوا مُسبقًا بيعتهم له ودعمهم لإصلاحاته، وأن الغالبية العُظمى من أفراد العائلة الحاكمة تقفُ في صفه”.
وتابع “لطالما عانت دولتنا من الفساد منذ الثمانينيات حتى يومنا هذا، وتقول تقديرات خُبرائنا بأن ما يُقارب 10% من الإنفاق الحكومي، كان قد تعرض للاختلاس في العام الماضي بواسطة الفساد، من قبل كلتا الطبقتين: العُليا والكادحة.. وعلى مر السنين، كانت الحكومة قد شنّت أكثر من حربٍ على الفساد، ولكنها فشلت جميعًا. لماذا؟ لأن جميع تلك الحملات بدأت عند الطبقة الكادحة صعودًا إلى غيرها من الطبقات المرموقة”.
وأوضح أنهُ “عندما أعتلى والده سُدة العرش في العام 2015 قام بقطع عهد على نفسه بوضع حدٍ لهذا كُله” وأضاف “رأى والدي أنهُ ليس من المُمكن أن نبقى ضمن مجموعة العشرين في حين تنموُ بلادنا بهذا المُستوى من الفساد.. ففي وقتٍ سابق من العام 2015م، كانت أول الأوامر التي أعطاها والدي لفريقه هي جمع كل البيانات المُتعلقة بالفساد عند الطبقة العُليا.. ولقد ظل الفريق يعمل لمدة عامين كاملين حتى توصلوا لجمع هذه المعلومات الأكثر دقةً، ومن ثم جاءوا بحوالي 200 اسم”.
وعندما كانت جميع البيانات جاهزة، اتخذ النائب العام، سعود المعجب، الإجراءات اللازمة، وقال محمد بن سلمان، موضحًا أن كلّ من اُشتبه به سواءً أكان من أصحاب المليارات أم أميرًا تم القبض عليه ووضعه أمام خيارين: “لقد أريناهم جميع الملفات التي بحوزتنا وبمُجرد أن أطلعوا عليها، وافق ما نسبته 95% منهم على التسويات”، الأمر الذي يعني أن عليهم دفع مبالغ مادية أو وضع أسهم من شركاتهم في وزارة المالية السعودية.
وقال “استطاع ما نسبته 1% من المُشتبه بهم اثبات براءتهم وقد تم اسقاط التهم الموجهة لهم في حينها.. وقرابة 4% قالوا إنهم لم يشاركوا في أعمال فساد، ويُطالب مُحاموهم باللجوء إلى المحكمة”.
وعن المبلغ المالي الذي يتوقع إعادته إلى خزينة الدولة من خلال التسوية مع الموقوفين، قال ولي العهد إنه في حدود 100 مليار دولار أمريكي”.
وأضاف، ليس هُنالك من طريقةٍ يمكن من خلالها القضاء على الفساد في جميع الطبقات، “لذلك فإنهُ عليك أن تُرسل إشارة، والإشارةُ التي سيأخذها الجميع بجدية هي” أنك لن تنجو بفعلتك”.
ولم تتم مُقاضاة رجال الأعمال السعوديين الذين يدفعون الرشاوى لإنجاز مصالحهم الشرعية من قبل البيروقراطيين الذين قاموا بابتزازهم، وأوضح، وفي هذا الإطار قال ولي العهد: “أولئك (الذين تم القبض عليهم) هم من اجتثوا أموال الحكومة” – من خلال رفعهم للأسعار وحصولهم على الرشاوى.
وعن التوجه نحو الانفتاح الذي تنتهجه المملكة، نقل فريد مان عن قوله “لا نقول إننا نعمل على إعادة تفسير الإسلام، بل نحن نعمل على إعادة الإسلام لأصوله، وإن سنة النبي محمد هي أهم أدواتنا، فضلًا عن [الحياة اليومية] في السعودية قبل عام 1979م”.
وذكر الأمير بن سلمان أنه في زمن النبي محمد، “كان هناك الرجال والنساء يتواجدون سويًا وكان هناك احترام للمسيحيين واليهود في الجزيرة العربية”.
وبعد ذلك، قام أحد وزرائه بإخراج هاتفه النقال، فأطلعني على صورٍ ومشاهد فيديو للسعودية في الخمسينيات الميلادية من موقع يوتيوب فيها صور لنساء أجانب بلباسهن المعتاد ويرتدين الفساتين الضافية ويمشين مع الرجال في الأماكن العامة، فضلًا عن الحفلات الغنائية ودور السينما. لقد كانت مكانًا تقليديًا ومعتدلًا، ولم تكن مكانًا يُمنع فيه الترفيه؛ غير أن هذا تغير بعد عام 1979م.
وبخصوص التطورات الإقليمية، وتحديدًا الصراع الذي تخوضه المملكة ضد التدخلات الإيرانية في الدول العربية، وصف ولي العهد السعودي الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بأنه “هتلر الشرق الأوسط الجديد”.
وأشار الأمير محمد الذي يتولى كذلك منصب وزير الدفاع إلى أن الأمر يتطلب مواجهة نزعة التوسع الإيرانية في عهد خامنئي.
ونقل فريدمان عنه قوله “لكننا تعلمنا من أوروبا أن المسكنات لا تجدي.. لا نريد لهتلر الجديد في إيران أن يكرر في الشرق الأوسط ما حدث بأوروبا”.